أم شادي 28 سنة (أم لثلاثة أطفال بنتين وولد) تقول وبنبرة يغلب عليها الحدة والتحدي مع ذاتها وجعلنا لا نستطرد كثيراً في بعض المواضيع حيث حسمت موقفها بقولها لا أعتقد أنني سأفكر يوماً بالزواج مرة أخرى، رغم كثر الخاطبين ورغم إلحاح أمي الذي لا ينقطع، فهي ترى أنه من الخطأ أن أمضي بقية عمري وحيدة دونما زوج يشاركني حياتي ويساعدني في تربية أبنائي، الذين سيكبرون يوماً وسينشغلون عني بأمور وتفاصيل حياتهم وأبقى أنا وحيدة - كما تقول أمي - لكنني لا أشعر بأية وحدة أو فراغ فوجود أبنائي يملأ حياتي وقد أوقفت حياتي عليهم·· كما أن هناك سبباً آخر وهو شعوري بعدم القدرة على تقبل فكرة العيش مع رجل آخر غير المرحوم فقد كان كريماً وطيباً ولا أتذكر أنه أساء لي في يوم من الأيام، كنا نعيش في حب وسعادة وإلى هذه اللحظة ورغم مرور خمس سنوات على وفاته لازلت أشعر بحبي له كما لو كان حياً - وهذا ما يجعل التفكير في أمر الزواج يبدو أكثر صعوبة بالنسبة لي فلا أعتقد بأن هناك رجلاً في طيبة وكرم أخلاقه لذلك أغلقت باب التفكير في هذا الموضوع ولم يعد أحد يفتحه معي··
لم تعد حياتي كالسابق
أم خالد تبلغ من العمر 33 سنة لديها ولدين وثلاث بنات فقدت زوجها في حادث مروري تجد الحياة تغيرت ولم تعد تنظر لها كالسابق ولم يعد لديها أحلام تسعى لتحقيقها بعد فقد زوجها سوى أن يكمل أبنائها دراستهم ويحققوا حلم والدهم في أن يراهم في مناصب إدارية مرموقة وهي تعتقد أن لحظات السعادة قد ولت إلى غير رجعة ولا ترى بأساً في تشبيه الأرملة بالوردة التي ذبلت ولم تعد تلك الزهرة التي كان يحرص على قطفها والاستمتاع بعبيرها وتقول في سياق نظرتها لغيرها من النساء اللاتي يعشن مع أزواجهم ويقضون أوقات سعيدة بتذكر مواقفها مع زوجها وشريك عمرها· وكغيرها من نساء أرامل تم أخذ أرائهم تجمع كثيرات منه على أن نظرة المجتمع للأرملة نظرة شفقة ورحمة وأفضل حالاً من نظرتهم للمطلقة!!
لكن هذا لا ينطبق كثيراً على بعض الرجال الذين يسعون للارتباط بالأرملة صغيرة السن حيث تأخذ طباع البحث عن المتعة دون مراعاة لمشاعرهم وهي ترى أن أصعب ما تواجه تربية أبنائها·
تزوجت الأخ الأكبر لزوجي المتوفي
أم خالد 27 سنة (متزوجة مرة أخرى ولديها خمسة أبناء من زوجها السابق) عاشت حياة الترمل ومن ثم الزواج لكن بدون رغبة منها وبإلحاح كبير من أهلها كان من غير المنطقي هنا أن نتحدث معها كما لو كانت أرملة فالوضع يختلف تقول في ذلك: ترملت منذ ثلاث سنوات وبعد انتهاء فترة الحداد بدأت مشاكلي فأهل زوجي يريدون أن أعود للعيش معهم أنا وأبنائي في بيت العائلة فوالدة زوجي حفظها الله امرأة طيبة وحنونه وهي كما تقول لا تستطيع أن تبقى بعيدة عن أبناء ابنها (أبنائي) ووالدي يرفض بشدة مجرد التفكير في هذا الموضوع وأمي تقول بأنني لازال صغيرة وحرام أن أبقى بدون زواج، وأنا لا أحد يهتم أو يسأل عن رأيي ولا ماذا أريد، وبقينا لفترة ليس لنا حديث سوى هذا الموضوع مما وتر أعصابي وزاد حزني على فقده حزناً وهماً، وجاءت الطامة الكبرى حيث بدأ أعمام أولادي يضغطون على والدي من أجل حضانة أبنائي، وهنا جن جنوني فأخر شيء ممكن أفكر أو يخطر على بالي هو أن أتخلى عن أولادي لأي سبب من الأسباب وفي تلك اللحظات واجهت والدي وطلبت منه أن يسمح لي بالعيش مع أهل زوجي من أجل أولادي ويبدو أنه أشفق على حالي وحال أولادي فقال لي دعيني أفكر ثم خرج وتركني· وفي اليوم التالي جاءني وقال لي بالحرف الواحد أنا موافق بشرط أن تعودين لبيتهم زوجة لأحد أبناءهم ولم أتمالك نفسي فصرخت أنا لا أريد أن أتزوج فقط أريد أن أعيش مع أولادي أتركوني وشأني· ولكن والدي لم يستمع لكلامي بل اتصل بأهل زوجي وأبدى لهم رأيه الأخير، وانتقلت الكرة إلى مرمى أهل زوجي وبدأت المفاوضات والمناقشات حول من سيقع عليه الاختيار ليكون الزوج المناسب لي، ولكم أن تتخيلوا موقفي ومدى الحرج الذي وقعت فيه فأعمام أولادي كلهم متزوجون وكانت علاقاتي بزوجاتهم طيبة ولم أكن أرغب في أكون سبباً في نزوع الخلافات فيما بينهم، ولكن والدي كان مصراً على رأيه وأهل زوجي ظلوا متمسكين بمطلبهم وبقيت أنا وأبنائي كالكرة التي تتقاذفهم الأقدام·· وأخيراً وقع الاختيار على الأخ الأكبر لزوجي وتم الزواج بسرعة رغم كل المشاكل التي نشبت بينه وبين زوجته وذهابها إلى بيت أهلها غاضبة لكن في اليوم التالي لزواجنا فوجئت بها تدخل البيت فقد ذهب إليها هو وأمه وأرضاها وعادت المياه بينهم إلى مجاريها، أما أنا فلم استطع أن انظر في وجهها وكأنني قد ارتكبت جرماً وأصبحت اتحاشى المكان الذي تكون فيه، بل حتى مظهري لم أعد أهتم به حتى لا أثير غيرة الزوجة الأولى لكي نعيش بهدوء فليس هناك ما يهمني في هذه الدنيا سوى سعادة أولادي وراحتهم· ولكنني أريد أن أحلم باليوم الذي يكبر فيه ابني خالد واستقل بحياتي عن الجميع، وأنا أعيش في بيت العائلة وأشعر بالجميع وأرعى مشاعرهم لكنني لا أشعر بوجودي فأنا أتخلى عن رغباتي وأتنازل عن آرائي مقابل رضى الآخرين تصمت قليلاً قبل أن تقول: لكن كل شيء يهون في سبيل بقائي مع أبنائي تحت سقف واحد·
لماذا لا يموت الرجال جميعهم
أم فهد 22 سنة تعد من النساء اللاتي فقدن أزواجهم في سن مبكرة جداً عاشت تجربة زواج تعد قصيرة بكل المقاييس فلم يمضي أربعة أشهر على زواجها حتى أصبحت في خانة الأرامل بسبب الحادث الذي تعرض له زوجها كانت أكثر النساء اللاتي شاركن في هذا التحقيق تشاؤوماً وألماً وحسرة لم تقف عند حد الجزع والحزن بل كادت أن تصل لمرحلة الانتحار وهذا لا يتوافق مع نظرتها التي كانت تعيشها مع زوجها ابن خالتها الذي امتدت قصة حبهما منذ الطفولة وبعد أن أكملت عامها (21) زفت لزوجها وشريك حياتها الذي اختارته برغبتها وكان لها كالبلسم أربعة أشهر عاشتها كالحلم لم تصدق بخبر وفاة زوجها كان ذلك قبل شهر رمضان الماضي هذه الحياة القصيرة رزقت خلالها بمولود ترى فيه روحها وحياتها التي لم تعشها تقول عشت مرحلة حرجة وخطيرة بحسب رأي الأطباء الذين أشرفوا على علاجي بالرغم أنني مازلت في هول صدمته حتى الآن (كانت تبكي وهي تتحدث وطلبت معاودة الاتصال بها لاحقاً لإكمال الحديث لعدم استطاعتها) تضيف كنت أحدِث نفسي لماذا أعيش؟ لماذا مات زوجي؟ كنت أهذي كثيراً لقد ولت سعادتي كيف تريد مني أن أعيش بعد زوجي الحبيب الذي منحته كل مشاعري وحبي كيف تريد أن اسمع غير صوته أرى غير صورته أتقبل غير مزاحه صعب صعب ليتني لم أعرفه ولم أتزوج ليته كا ظالماً قاسياً حتى استطيع أن أقسو عليه ولا أتذكره· من قال لك أن السعادة يمكن أن تعود وهل يحق لنا كأرامل أن نعيش كغيرنا لا نحن كالورد الذي ذبل لم يعد له رائحة مجرد صورة هل تقبل أن تأخذ وردة ذبلانه طبعاً لا·
هذه النظرة التشاؤمية نجدها أكثر حدة عندما تشاهد أم فهد غيرها من النساء وهن بصحبة أزواجهم فهي تبكي بحرقة وتقول:لماذا أنا فقط من مات زوجها لماذا الأزواج الآخرين يعيشون؟ كما لو كانت تتمنى فناء جميع الرجال، ويزيد آلامها وحسرته على حالها الذي تعيشه بسبب نظرة المجتمع تجاه منهم في مثل حالتها من حيث كونها أرملة وصغيرة فهي ترى أنهم يقسون عليهم يحاسبونهم في كل صغيرة وكبيرة وهم دائماً في موضع الشبهة، بالرغم أن هذا الاتهام يجب أن يحاكم به أولئك الرجال الذين لا يرون في المرأة سوى المتعة فقط نسوا أو تناسوا أن ما حدث لي قد يحدث لهم فترمل زوجاتهم وييتم أطفالهم، وتضيف يقشعر بدني عندما يحاول بعض الرجال عرض خدماتهم بحجة المساعدة بعكس ما يضمرون في أنفسهم الشريرة·
أقبل أن أكون الزوجة الرابعة
كل ما ذكرته أم فهد يعكس الحالة النفسية التي تعيشها فهي لا تمانع نهائياً في الارتباط بزوج آخر حتى لو كانت زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة لا يهم حتى سنه المهم أن يحافظ على حقوق أبنائها تريد أن تخرج من السجن الذي وضعت فيه بسبب فقد زوجها لكنها تخاف من تكرار المأساة مرة أخرى فتصاب بخيبة أمل شديدة قد لا تستطيع الخروج منها نهائياً على الرغم من أنها تتوقع أن لا تمنح زوجها الجديد في حال تزوجت ذات المشاعر التي منحتها أبو فهد سألتها قبل أن أنهي حديثي معها أم فهد هل لديك ما تقولين فقالت ماذا أقول لك لقد انتهى كل شيء في حياتي ولم يعد للحياة معنى بعد أن فقدت زوجي حبيبي·
الأرملـــة
والخيـــط الرفـــيع
السعادة لؤلؤة تظل المرأة تغوص في أعماق الحياة لتبحث عنها وتفتش في أعماق النفوس البشرية لتستأنس بجميل خصالها، وما أن تمتلك الفتاة هذه اللؤلؤة حتى تصونها وتحفظها داخل ضلوعها وعلى شفاهها حتى تصير عبيراً فواحاً تعطر به قلوب وعقول من حولها، ويظل يترقرق من داخلها شريان من السعادة ليغذي من يقابلها أو يتعامل معها، ورحلة البحث عن السعادة تبدها الفتاة بعد البلوغ وإلى الزواج، فالزواج من أهم المراحل الانتقالية في حياة الفتاة فقد أوضحت دراسات أمريكية أجريت لمدة 45 عاماً أن الاستمتاع بالحياة (السعادة) تزداد وترتفع مع مرور الزمن خاصة في مرحلة المراهقة ثم مرحلة الزواج، وقد لاحظت الدراسة أن فترة العشرينيات والثلاثينيات تزيد فيها سعادة المرأة ومبعث هذه السعادة شعورها بالأمان النفسي والأمان الصحي بعيداً عن الاضطرابات الفسيولوجية المتعاقبة التي كانت تمر بها ولشعورها بالرضا عن ذاتها أثر كبير في شعورها بالسعادة ولاستقرارها الفكري والوجداني كل هذه روافد تمد بحر السعادة ليظل يجري تياره ويتجدد ويعلو موجه ويفيض بالسعادة وللارتباط والإنجاب دور كبير في إعطاء المرأة فرصة سانحة للعطاء لزوجها وأولادها ونفسها فالعطاء أحد أهم محفزات السعادة لدى المرأة، وقد أشارت الدراسة أن السعادة تتولد وتتفجر داخل المرأة بدون أي علاقة مع المادة أو الممتلكات، فالاستقرار الأسري يصاحبه نضوج إنفعالي وهما أهم من الممتلكات والماديات·
ولعل انتظام الدوافع لدى المرأة وهذا الانتظام في الدوافع جسر يمكنها من عبور هذه السنوات واقتطاف أجمل لحظات السعادة أينما وكيفما تراءى لها، وشعور المرأة بالحرية وتحملها للمسؤولية في هذه الفترة واستقرارها في عملها أو استقرارها داخل بيتها، هذه الحرية تكفل لها أن تستمتع بالحياة بعكس بيت والدها فهي تتصرف في بيتها (مملكتها الخاصة) بكامل حريتها وبمساحة كبيرة من التدبير والتفكير والتنظيم لتحقيق الأحلام·
فبينما تمسك الفتاة طرف خيط السعادة الرفيع وكأن هذا الخيط حبل سري يمدها بالحياة تفاجأ به ينقطع·· ينفرط·· يلتف حول عنق السعادة ليشنقها·· ليقتلها·· فبوفاة زوجها فقدت سعادتها وهي من كانت بالأمس تُداعب·· يهمس لها·· تُغازل·· ترتوي أنوثتها، لا تلبث أن تفقد زوجها ولم يترك لها إلا تركة سنامها الحزن والألم والحسرة وباطنها العذاب والفراق وترك لها لقب سيظل يلازمها كالظل (أرملة) ذهب سكنها بلا رجعة وحطت عليها الأحزان بلا هوادة، بل ومجتمع لا يرحم ربما يزيدونها عذاباً فوق عذابها·محمود المصري
الأرامل يختلفن حول زواج المسيار ويطالبن بإنشاء جمعية خاصة بهن
كان الأمر يتطلب أخذ رأيهم عن زواج المسيار وهل يجدنه حلاً لقضيتهم بعد ترملهم وكانت المصادفة الحقيقية أنهن جميعهم بلا استثناء يرفض فكرة زواج المسيار كلياً ويرونه استغلال وامتهان للمرأة فهو يحقق هدف معين سوى شهوة الرجل الذي يراها نوع من التغيير لحياته اليومية مع زوجته يتعامل مع الموضوع بنظرة المتعة ولا غير لا يهمه من مشاعر تلك المرأة التي يطرق بابها خلسة كأنه يسرق يريد أن يسطو على المنازل له سواء إشباع تلك الغريزة البهيمية دون أدنى إحساس بالمسؤولية حتى لو قبل بذلك بعض النسوة على مضض لظروفهم الصعبة التي يعشونها والتي في غالبها بسبب الأسرة التي هي جزء من عادات هذا المجتمع وبإجماع يقولن لماذا أنتم يا معشر الرجال تنظرون للمرأة كسلعة مجرد سلعة تتناولونها وقت ما تشاؤون وما تشاؤون لماذا تريدون أن تستمتعوا على حسابنا تتألم غالبيتهن بسبب كثرة الطلبات التي تصلهم عن طرق بعض الخاطبات للقبول بمثل هذا الأمر·
كما طالبت عدد من الأرامل بضرورة إنشاء جمعية خاصة بهن تتولى رعاية شؤونهن على غرار الجمعيات المتخصصة حتى يستطعن تجاوز الصدمة النفسية التي يتعرضن لها عند فقد أزواجهن بالإضافة للحفاظ على حقوقهن وأطفالهم من التعدي عليها من قبل أقارب الزوج ومن ذلك حقوق احتضان الأطفال والعمل على توفير فرص وظيفية للقيام بواجباتهم تجاه أولادهم وتوفير احتياجاتهم الخاصة حيث إن ما يحصلون عليه من راتب الزوج أو المساعدات الأخرى لا يكاد يفي بمتطلباتهن ويرأين أن لا تقتصر دور الجمعية على هذا الدور بل يسعى لتوعية المجتمع بأهمية الوقوف معهن لتجاوز تلك المعاناة·