جبل حُزنَة
أبصـــــرت حُـزنة بالعلياء عملاقـا *** يهوى مبادلة الجــــوزاءِ أشواقـا
إني أرى جبلاً ، قد شـــالهُ جــبلٌ *** والشيخ حُزنةُ فـوق الكلّ رنّاقـا
طوداً تطاول في تيهٍ وفي صلفٍ *** قرب الشّفيرِ أشــمّ الأنف برّاقـا
تلك الجبــال توارت دون قـــامته *** أسرابُ ظبي طواها البعدُ إرهاقـا
يعلو السحاب ويمضي في مهابته *** قـد جاوز المجد أرداناً وأعناقـا
طـالت ذؤابتهُ في الجـوّ سـامــقةً *** منقارَ نسرٍ أمال الــرأس إطراقـا
يلتفّهُ الــغيم بـالأحـضان ، يأخــذهُ *** طفلاً لففت على عِطفيه أطواقـا
تهامـةُ القــــــاع غــــذّتها ودائــقه *** حتى جرى السهلُ أنهاراً أوساقا
والمـاء يدفـق مـن أردان جبّــتِهِ *** والأرض مــن تحت ُ أفواهاً وأشداقا
قال الصحابُ وشمس العصر تسفعنا ***غُــذّوا بنا السير للهامات سُمّاقـا
هل يمتطى النسر والعِقبان تفزعُهُ *** أم يُركبُ الغيم فوق الغيمِ أطباقـا
خلّــوا سبيلي فإنـــي لا أجـامِلكم *** قلبي - وربي - قـد ألفيت خفّاقـا
يكفي مــن المـارد الجبّــار مقربُـــهُ *** إن عــزّ وصلٌ أجلنا العين أحداقـا
أبصرتُني وكـأني فــــوق غـــــرّته *** عِلقٌ تعلقّ في الأجــــواء نطّاقـا
هذي تِهامةُ من تحتي ، وبلجُرشي *** تحنو عليها فقد لامست إشفاقـا
أرنو بطرفي إلى المخواة من شَهَقٍ ***لاشئ أبصرُ ، لا إنساً ولا طـاقـا
أنّى تلفتّ من حولي أرى سُـحباً *** والطير يحضرني فــرداً وأجـواقـا
أرضُ السراةِ تمطّى في مرابعها *** حشدُ الضبابِ فساح الغيثُ دفّاقا
سبحان من سخّر الأجرام يكلؤها *** حتى بدت في رحابِ الكون أعلاقـا